[الأبعاد] بدون ذاكرة تخزين

المؤلف: وو تشاوهوي (JEFFI CHAO HUI WU)

تاريخ المقال: 2025-7-13 الأحد، الساعة 4:06 مساءً

يعتقد الكثير من الناس أن الذاكرة هي تجسيد للذكاء، فمن يتذكر أكثر، ويتذكر بشكل أفضل، ويتذكر لفترة أطول، هو الأكثر ذكاءً. لكنني على مر السنين، أدركت أكثر فأكثر: أنا لست شخصًا يعيش بالذاكرة، وتفكيري لا يعتمد على الذاكرة. لم أقم بـ "تذكر" العالم، بل "فهمت" العالم، ثم في الأوقات التي أحتاج فيها، أعيد تركيب الإجابات التي أحتاجها.

أنا لست جيدًا في الحفظ، ولا أرغب في الحفظ عن ظهر قلب. منذ صغري، كنت أعلم أن الأشياء التي تُحفظ بقوة لا تدوم طويلاً، وليست ذات فائدة كبيرة. أفضل أن أنسى تلك المعلومات المعقدة، وأحتفظ فقط بأبسط القوانين، وأهم الهياكل، وأساسيات الروابط. بالنسبة لي، طالما أنني أتقنت المنطق الأساسي، يمكنني إعادة إنتاج كل شيء آخر.

بعض الأصدقاء يقولون، كيف يمكنك تذكر كل هذه المقالات وكل هذه الأمور التي كتبتها؟ أقول لهم إنني لم أحتفظ بها في ذهني. أنا أستدعيها في اللحظة. مثلما لو سألتني اليوم عن شيء حدث قبل عشر سنوات، قد يبدو لي أنني لم أستعد لذلك، لكن بمجرد أن يظهر الموضوع، فإن تلك الصور والعبارات والمنطق تتدفق وكأنها تخرج من مكان لا أستطيع تحديده، وتتجمع في لحظة لتشكل محتوى كاملاً.

هذا ليس ذاكرة، بل هو قدرة على التركيب الفوري. لا أعتمد على عقلي لبناء مستودع معلومات، بل أعمل مثل محطة إذاعية تضبط البيانات في الكون، مثل الراديو. عندما أحتاج، أضبط التردد؛ وعندما لا أحتاج، لا أترك شيئًا. أقول دائمًا، لست ذاكرة جيدة، بل أنا "أضبط"، "أربط"، "أعيد البناء".

الذاكرة، في الواقع، هي أثقل الأشياء. كلما تذكرت أكثر، كلما امتلأت أكثر، وكلما حملت أكثر، كلما زادت الثقل. دماغ الإنسان ليس مخصصًا ليكون مخزنًا، بل هو مخصص للتفكير، والتفاعل، والإبداع. أنا لا أؤمن أبدًا بمعادلة "تخزين الكثير = حكمة عالية". لأن تذكر الكثير غالبًا ما يعني انسدادًا أكبر. إذا كنت تريد الحرية، يجب أن تفرغ؛ وإذا كنت تريد السرعة، فلا يمكنك حمل الكثير من أعباء التاريخ.

لذا، لا توجد في ذهني تواريخ تاريخية، أو سير شخصيات، أو معادلات رياضية. حتى أرقام الهواتف لا أذكرها. حتى عناوين العديد من المقالات التي كتبتها لا أذكرها. لكن عندما أفتح تلك المقالات مرة أخرى، بمجرد أن أقرأ الجمل القليلة الأولى، أعلم على الفور لماذا كتبتها، وكيف كتبتها، من أين جاءت، وإلى أين تذهب. هذه ليست ذاكرة، بل هي آثار تركتها البنية، إنها زهور نمت منطقياً.

ذات مرة، اختبرني شخص ما: "افترض أنك حصلت على 1000 رقم واسم، هل يمكنك تذكرها؟" قلت له بالطبع لا أستطيع. لم أكن حتى أنوي المحاولة. أخبرته: "أنا أتذكر فقط الأرقام من 0 إلى 9، أما الباقي فليبحث عني بنفسه." كان في حيرة من أمره، ولم يفهم. ولم أشرح له. لأنني أعلم أن هذا ليس شيئًا يمكن فهمه بالـ"فهم"، إنها طريقة حياة مختلفة تمامًا.

حياتي بسيطة جداً، لا أدوّن ملاحظات، ولا أكتب تذكيرات. لا أحب "التذكيرات"، ولا أحب "قائمة المهام"، ولا أضع منبهات. لا أعتمد على أي آلية تذكير خارجية. أعتمد على الإحساس العام بالإيقاع، والعلاقات الداخلية بين الأشياء، والحكم المنطقي في اللحظة الحالية. أعلم ما يجب أن يظهر، فسوف يظهر؛ وما لا يجب أن يظهر، فلا يمكن أن يبقى.

أحيانًا أستيقظ في الصباح الباكر، وفجأة أتذكر شيئًا ما، ثم أكتب مقالًا كاملًا دفعة واحدة، منطقيًا وواضحًا، ومكتملًا، أفضل من الآخرين الذين يستعدون لمدة أسبوع. لكن إذا سألتني كيف تذكرت ذلك؟ لا أستطيع أن أقول. أنا فقط أترك نفسي فارغًا، وأعطي تلك المعلومات مساحة لتأتي، ثم تأتي بمفردها.

"الفراغ" ليس استسلامًا، بل هو استقبال. "عدم التذكر" ليس كسلاً، بل هو خفة. هذا العالم يتغير بسرعة كبيرة، فمعرفة الأمس قد تصبح متخلفة اليوم. بدلاً من أن نبذل جهدًا كبيرًا في الحفظ، من الأفضل أن نتعلم كيف نتكيف. بدلاً من حمل جبل أثناء المشي، من الأفضل أن نكون بأيدٍ فارغة، لنذهب أبعد، ونركض أسرع.

أشعر دائماً أن الدماغ يشبه الكمبيوتر. إذا وضعت الكثير من الأشياء، فإن الذاكرة المؤقتة ستنفد، وسيتباطأ النظام، وسيتوقف. أنا لا أستخدم الإضافات، ولا أفتح الكثير من النوافذ. أغلق الخلفية في أي وقت، وأحتفظ فقط بأبسط البرامج قيد التشغيل. يقول الآخرون إنني أملك أنظف نظام تفكير، لا أحتاج إلى التخزين، ولا إلى الذاكرة، لكن يمكنني إعادة البناء في أي وقت.

هذا ليس موهبة، ولا تدريب، بل هو اختيار طبيعي. اختيار لا يعتمد على "تذكر كل شيء"، بل على الثقة في "استرجاع كل شيء". عقلي هو موقع إعادة بناء في حالة فارغة. لا يتم الأرشفة، ولكن لا يُفقد أبداً. لا يحمل، ولكنه دائماً حاضر.

يحب البعض تلاوة الكلاسيكيات، ويحب البعض الآخر تخزين المعرفة، وأنا لا أعارض ذلك. تلك هي طريقهم. أما أنا، فطريقي مختلف. أحتفظ بأقل العناصر، لكنني أستطيع كتابة أكبر عدد من الفصول. أسير بطريقة "بلا ذاكرة"، وأخرج إلى طريق "الحكمة الكاملة".

     

 

 

Copy Right 2008 @ times.net.au