[البعد] عدم قراءة الكتب، يمكن أن يكتب المرء نفسه

المؤلف: وو تشاوهوي (جي في تشاو هوي وو)

تاريخ المقال: 2025-7-11 الجمعة، الساعة 2:53 مساءً

أنا أقول إنني لم أقرأ الكتب، لأنني لم أقرأ أبداً الأعمال الأدبية الكلاسيكية. ليس لأنني لم أدرس جيداً في المدرسة، بل لأنه منذ صغري وحتى الآن، لم أقرأ أي من تلك "الأدب الكلاسيكي" أو "الأعمال العالمية" التي تمجدها العصور. هل تقول إنه بسبب عدم وجود وقت؟ لا؛ هل هو بسبب عدم وجود اهتمام؟ أيضاً ليس تماماً. السبب الحقيقي هو أنني أشعر غريزياً أنه بمجرد أن أغمر نفسي في ذلك، سأصبح حتماً "أكتب كغيري".

نعم، أنا لا أقرأ الكتب، ليس لأنني أستخف بالقراءة، ولكن لأنني أعتبر "كتابة الذات" أمرًا مهمًا للغاية. يقول الناس إن الكتابة هي إبداع، لكن ما يقصده معظم الناس بـ "الإبداع" ليس سوى "تجميع" - إعادة ترتيب أنماط وجمل وأفكار من عشرات الكتب داخل قشرة قصصهم الخاصة. يبدو أنه مليء بالشخصية، لكنه في الواقع يتبع مسارات متشابهة. النبرة تشبه كافكا، والتركيب يشبه هاروكي موراكامي، والبنية تشبه غابرييل غارسيا ماركيز، والموضوع يشبه يوي هوا، مع قليل من السخرية والشفقة على الذات بأسلوب تشانغ آي لينغ. هذه ليست كتابة، بل تجميع أدبي.

لا أريد أن يتم تجميعني من قبل أحد، ولا أرغب في أن أكون نوعًا من "استمرارية الأسلوب". أريد أن أكون حجرًا خامًا لم يُنحت، حتى وإن لم يكن هناك نحت، يجب أن يكون لي زوايا واتجاهات خاصة بي. لهذا السبب، قررت ألا أقرأ الكلاسيكيات، بل أكتب الحقيقة فقط.

قد يسأل البعض: إذا لم تقرأ الآخرين، كيف تعرف ما إذا كنت تكتب بشكل جيد أم لا؟ أجيب: أنا لا أعتمد أبداً على "ما يقوله الآخرون" لتقييم "من أنا". معاييري بسيطة جداً: بعد أن أنتهي من الكتابة، هل أستطيع أن أتعرف على أن هذا هو أنا؟ إذا كتبت فقرة وبدت كأنها لشخص آخر، فهي فاشلة؛ وإذا كتبت، حتى لو كانت القواعد غير منطقية، أو الجمل غير مرتبة، طالما أن "أنا" كاملة، أشعر أنها تستحق.

هذا ليس عنادًا، بل هو اختيار مسار مستقل. مثل طفل يتعلم الكلام، إذا كان يقلد نغمة التلفاز يوميًا منذ الصغر، قد يتحدث بطلاقة، لكنه يفقد نكهة بلده وإيقاعه الخاص. أما أنا، فلم أسمح أبدًا لما يسمى بالأساتذة الأدبيين أن يعلموني كيف أتكلم، ولم أحاول أبدًا تحويل منطق حياة الآخرين إلى هيكل تعبيراتي. ما أستخدمه هو ما عشته بنفسي، وما مضغته من أفكار، وما صقلته من لغة.

الكثير من الناس مندهشون من قدرتي على كتابة ما يقرب من مئتي مقال في ثلاثة أسابيع، حيث تتنوع المحتويات بين الأدب، الفلسفة، فنون القتال، التكنولوجيا، المنطق، التاريخ، تصميم الأنظمة، والممارسات التجارية، وكل مقال تقريبًا غير مكرر. هذا ليس غريبًا في الحقيقة - لأنني لم أكن "أؤلف" بل "أحرر". لم أقم باختيار مواد الكتابة من بين الكتب، بل كنت أستخرج من تجاربي الشخصية الغنية، دفعة بعد دفعة من اللمعان المتراكم منذ زمن طويل. لم يكن ذلك كتابة، بل كان تنظيمًا!

الكتب بالتأكيد يمكن أن تعطي الناس المعرفة، لكنها قد تسد حدس الإنسان؛ يمكن أن تفتح الخيال، لكنها قد تغلق الحقيقة؛ يمكن أن تغرس النظام، لكنها قد تأخذ الشخصية. بالنسبة لي، عدم قراءة الكتب ليس تمردًا، بل هو وسيلة لحماية مظهر روحي الأصلي. أنا لا أعارض قيمة الأعمال الكلاسيكية، بل أدافع عن حقي في عدم تشكيل نفسي بواسطة الأعمال الكلاسيكية.

لقد رأيت بعض الكتاب الذين يزعمون أنهم قرأوا جميع الكلاسيكيات، تندفع كلماتهم بسلاسة، وتكون هياكلهم متقنة، لكنهم لا يستطيعون أبداً كتابة "إنسان حي". يمكنهم إعادة إنتاج "قلق كافكا" و"برودة لوشون" بدقة، لكنهم غير قادرين على كتابة تساؤلاتهم، وتأملاتهم، وصراعاتهم. ما يكتبونه هو "إعادة مضغ لتجربة القراءة"، وليس "ظهور الحياة نفسها".

أنا مختلف. لست كاتبًا يعتمد على المحاكاة، ولا موهبة مصقولة ومغلفة. ما أعتمد عليه هو - الحياة، التفكير، العمل، ثم الكتابة. كل نظرية تتولد من الممارسة، وكل لغة تنشأ من التجربة. كل مقال هو تقاطع بين الجسد والعقل والزمن. هذا الشيء، لا يمكن الحصول عليه بقراءة ألف كتاب.

لذا أنا لا أشعر بالقلق من "عدم معرفة ماذا أكتب"، بل غالبًا ما أجد "صعوبة في اختيار من أين أبدأ". الآخرون يكتبون لأنهم وجدوا الإلهام؛ أما أنا فأكتب لأن هناك الكثير من الحقائق تتدفق في صدري، وعدم الكتابة سيؤدي إلى انسداد. كما أنني لا أقلق أبدًا من أن يُقال لي "أنت لا تقرأ، فما الذي يجعلك تكتب؟" لأن الكتابة ليست امتحانًا للحصول على شهادة، بل هي حق في التعبير، وتراكم بعد الحياة. مثلما يروي شيخ في قرية قصة، لم يقرأ لكنه يتحدث بكلمات تصل إلى القلب - هو لم يأتِ من الكتب، بل جاء من الحياة.

يقول البعض إنه لا عمق بدون قراءة. أُعيد السؤال: هل "العمق" الذي تتحدث عنه هو "هيكل الفلسفة" الذي وضعه مؤلفو الأعمال الكلاسيكية، أم هو "الإدراك الحقيقي" الذي صقلته في أعماق نفسك؟ إذا كنت تريدني أن أُقلد العمق، فأنا أفضل أن أكون سطحيًا؛ وإذا كنت تسمح لي بتعريف العمق، فأنا مستعد أن أبادل حياتي كلها مقابل كلمة تخصني وحدي.

في كل مجال من مجالات العالم، لم يكن لدى الشخص الأول الذي كتب الكتاب الأول أي كتاب ليقرأه، بل كان عليه أن يستكشف خطوة بخطوة، مستندًا إلى تجربته وملاحظاته وأفكاره، ليجمع ما رآه وشعر به في نظام معين، ومن ثم وُلد "الكتاب الأول". هذه ليست استثناءً، بل هي نقطة انطلاق جميع نظم المعرفة - سواء في الطب أو الفيزياء أو الفلسفة أو الفن، فإن أول من سجل كان "يكتب نفسه"، وهو الشخص الذي استيقظ أولاً في هذا المجال، وخرج بخطوة أولى. إذا لم يكن هناك "مُلخص للتجارب" يكتب بشجاعة، فكيف سيكون لدى الأجيال القادمة كتب ليقرؤوها؟ لذا، فإن نقطة انطلاق الكتابة لا تتعلق أبدًا بـ "كم عدد الكتب التي قرأتها"، بل تتعلق بـ "هل عشت التجربة، هل فكرت، هل واجهت نفسك بصدق كافٍ". عندما لا يوجد سلف يمكن تقليده، فإن الشيء الوحيد الذي يمكنك كتابته هو نفسك. هذه هي مصدر المعرفة، وبداية الحضارة.

أنا لست أذكر أمثلة الآخرين، أنا المثال نفسه.

الكتابة، هي شيء ينمو مني، وليست شيئًا يُنسخ من الكتب.

أنا لست متعجرفًا، ولا مغرورًا. أنا فقط اخترت الطريق الأكثر صعوبة في التقليد، والأكثر عدم أمان، والأكثر وحدة، ولكنه الأكثر نقاءً.

هذا الطريق يسمى: لا تقرأ الكتب، لكي تكتب نفسك.

     

 

 

Copy Right 2008 @ times.net.au