[الحياة] ظل وحيد في المعركة

المؤلف: وو تشاوهوي (JEFFI CHAO HUI WU)

تاريخ المقال: 2025-6-22 الأحد، الساعة 7:05 مساءً

في ذلك العام، كنت في العشرين من عمري، وحدي، أحمل حقيبة وعودتي المفضلة، وركبت الطائرة المتجهة إلى نصف الكرة الجنوبي. كانت دولة غريبة تمامًا، وكان إنجليزي ضعيف يكفي للبقاء اليومي، وليس لدي أي أقارب، ولا أعرف أحدًا. أنفق والداي كل ما لديهما، وجمعا المال من كل مكان، فقط لتغطية نصف سنة من الرسوم الدراسية ونفقات المعيشة، دون أي دعم لاحق. في لحظة وداعي لي عند الطائرة، كان في عيني أمي قلق عميق، لكنها لم تقل شيئًا، فقط لوحت بيدها برفق عندما صعدت إلى الطائرة، كأنها تسلم كل الأمل إلي.

عندما وصلت إلى أستراليا، كان علي أن أفعل كل شيء بنفسي. كنت أدرس وأعمل في نفس الوقت، أنظف، أنقل البضائع، أغسل الصحون، أو أوصل الصحف... طالما أنني أستطيع كسب المال، سأفعل ذلك. إذا لم يكن لدي ما يكفي من المال لدفع الرسوم الدراسية، سأوقف دراستي، أعمل خلال النهار، وأذهب إلى المدرسة الليلية في المساء. لتوفير المال، كنت أتناول أرخص الطعام، وأسكن في أبسط الأماكن، فقط لأجمع المزيد من المال، لسداد الديون، ودعم دراستي. في تلك السنوات، لم يكن لدي أصدقاء تقريبًا، ولم يكن هناك أحد أعتمد عليه. بينما كان الآخرون في حفلات، ورحلات، يستمتعون بشبابهم، كنت أكتفي بالجلوس في شقتي المستأجرة في الليل، أحتضن الجيتار وأمارس العزف بصمت، أستخدم الموسيقى لقمع الوحدة التي في داخلي.

كانت معركة وحيدة تمامًا. لكن في قلبي كان هناك دائمًا شعاع من الضوء. كنت أعلم أنني لا أستطيع أن أستسلم، ولا يمكنني التراجع. قلت لنفسي، حتى لو لم يرَ العالم كله جهودي، يجب أن أستمر. في ظل هذا الضغط العالي، تمكنت بفضل الاجتهاد والإرادة، في أقل من ثلاث سنوات، من الحصول على إقامة دائمة في أستراليا في عام 1992. لم يكن لدي علاقات، ولا خلفية، ولا موارد، بل اعتمدت فقط على يدي، ونجحت في بناء موطني الخاص.

بعد الحصول على الهوية، لم أختر حياة الراحة، بل انطلقت فورًا في ريادة الأعمال. منذ عام 1992، أسست شركة إعلانات، ثم أنشأت لاحقًا مجلات باللغة الصينية ومطبعة، مستندًا إلى كل قرش ادخرته من عملي المبكر. بدون فريق، كنت أكتب الخطط، وأتحدث مع العملاء، وأجري الأعمال، وأصمم الصفحات، وأشغل الآلات، وحتى توزيع المنشورات كنت أذهب بنفسي من باب إلى باب. كل خطوة كانت كأنها تسير ضد التيار، وحيدة، متعبة، لكنها كانت واضحة للغاية.

في عام 2005، رأيت فرصة في التجارة الإلكترونية عبر الحدود، وبدأت في بناء مستودعات خارجية مبكرة، ومن دون أي مساعدة خارجية، قمت بتصميم وبناء الهيكل الأول للتجارة الإلكترونية. بحلول عام 2013، وبفضل سنوات من الخبرة، طورت بمفردي نظام لوجستي ذكي، باستخدام أبسط برامج Excel والصيغ المنطقية، وأكملت هيكل الجدولة والتشغيل الآلي المعقد الذي كان من الصعب تخيله في ذلك الوقت. الوظائف التي كان الآخرون يحتاجون فيها إلى فرق من المبرمجين ودعم مالي، أنجزتها باستخدام جهاز كمبيوتر محمول قديم وعدد لا يحصى من الليالي. لا يزال هذا النظام يعمل حتى اليوم، ويدعم معالجة وتداول عدد لا يحصى من الطلبات.

على مر الطريق، تجاوزت العديد من الصناعات، من النشر، والإعلانات، والطباعة، إلى التخزين، والتجارة الإلكترونية، والمالية، وأنظمة اللوجستيات، وحتى امتد الأمر إلى فنون الطاقة، والفنون القتالية، والفلسفة، والموسيقى، والتصوير، والكتابة، مما أسس نظامًا متكاملاً ومستقلاً عبر مجالات متعددة. سألني أحدهم ذات مرة، لماذا لا أسعى للتعاون، ولا أستقطب استثمارات، ولا أؤسس فريقًا. ابتسمت، فالحقيقة أن السبب واحد فقط - ربما لأن أحدًا لم يفهم أفكاري المتقدمة، مما أدى إلى عدم وجود دعم مالي، وعدم رغبة أحد في السير معي، لذا كان علي أن أواصل بمفردي. ولكن بسبب هذه الوحدة، لم أقم بأي تنازلات، مما ساعدني على الحفاظ على تفكير مستقل نقي، عبر عشرات المجالات، وفي النهاية بناء نظام كامل. لم يكن هذا حظًا، بل كان نتيجة لثلاثين عامًا من الالتزام، والشجاعة للنهضة من العديد من الإخفاقات.

هذه ليست قصة تحفيزية، بل هي تصوير للواقع. ظل وحيد يخوض المعارك، ولم يكن هناك تصفيق أبداً. في العديد من الليالي المتأخرة، كنت أسير وحدي في شوارع بلد غريب، والريح الباردة تتسلل من بين عظامي، وأصابعي متجمدة، لكنني ما زلت أفكر في كيفية حل مشاكل الغد. الفشل هو الحالة الطبيعية، لكنني لا أسمح لنفسي أبداً بالتوقف. لأنني أعلم أنه فقط من خلال الاستمرار في السير، سيكون هناك مخرج.

اليوم، عندما أنظر إلى أكثر من ثلاثين عامًا من المسيرة، أفهم حقًا معنى تلك الوحدة. لم يكن هناك أحد يسير معي، ولم يفهمني أحد، لكنني خطوة بخطوة، حولت أفكاري إلى واقع، من منصة المعلومات إلى نظام اللوجستيات، من إدارة المنتديات إلى النشر الأصلي، من تأليف الموسيقى إلى ممارسة فنون الطاقة، بنيت نظامًا متكاملًا يمتد عبر عشرات المجالات، مترابطًا مع بعضها البعض. على مدار هذه السنوات، لم أعتمد على أي طرق مختصرة، ولم أعتمد على رأس المال أو الفرق، بل اعتمدت فقط على شجاعة وحماس كبيرين وقدرة تنفيذية قصوى، حتى وصلت إلى ما أنا عليه اليوم.

ظل وحيد في المعركة، ليس مجرد تجربة ماضية، بل هو لون حياتي الأساسي. إنه يجعلني أفهم بوضوح أن الاستقلال الحقيقي ليس شعارًا، بل هو نوع من الثبات الصامت؛ والقوة الحقيقية ليست التصفيق والأضواء، بل هي عندما لا يؤمن بك أحد، ومع ذلك تستطيع أن تسير في الاتجاه الذي تؤمن به، حتى لو كان الطريق خاليًا، حتى لو كان تحت قدميك لا يسمع سوى صوت الرياح.

     

 

 

Copy Right 2008 @ times.net.au